- عَنْ أبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه - عن رَسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ : ( مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله واليَومِ الآخرِ ، فَلْيَقُلْ خَيراً أَوْ لِيَصْمُتْ ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالله واليَوْمِ الآخِرِ ، فَليُكْرِمْ جَارَهُ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ) متفق عليه.
- وأعمال الإيمان تارة تتعلَّق بحقوق الله ، كأداءِ الواجبات وترك المحرَّمات ، ومِنْ ذلك قولُ الخير ، والصمتُ عن غيره .
- وتارةً تتعلق بحقوق عبادِه كإكرامِ الضيف ، وإكرامِ الجارِ ، والكفِّ عن أذاه.
- قال ابن مسعود رضي الله عنه: إيَّاكم وفضولَ الكلام ، حسبُ امرئ ما بلغ حاجته ، وعن النَّخعي قال : يَهلِكُ الناسُ في فضول المال والكلام .
- · مفاسد كثرة الكلام:
- إن الإكثارَ من الكلام الذي لا حاجة إليه يوجبُ قساوةَ القلب كما في " الترمذي " من حديث ابن عمر مرفوعاً : ( لا تُكثِرُوا الكلامَ بغيرِ ذكر الله ، فإنَّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ الله يُقسِّي القلب ، وإنَّ أبعدَ الناس عن الله القلبُ القاسي ) .
- وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : مَنْ كَثُرَ كلامُه ، كَثُرَ سَقَطُهُ ، ومَنْ كَثُرَ سَقَطُه ، كَثُرَتْ ذُنوبهُ ، ومَن كَثُرَتْ ذنوبُه ، كانت النارُ أولى به.
- وقال ابن مسعود : والله الذي لا إله إلا هو ، ما على الأرض أحقُّ بطول سجنٍ مِنَ اللِّسانِ .
- وقال وهب بن منبه: أجمعت الحكماءُ على أنَّ رأسَ الحكمِ الصمتُ.
- وكان السَّلفُ كثيراً يمدحُون الصَّمتَ عن الشَّرِّ ، وعمَّا لا يعني؛ لِشِدَّته على النفس ، ولذلك يقع فيه النَّاسُ كثيراً ، فكانوا يُعالجون أنفسهم ، ويُجاهدونها على السكوت عما لا يعنيهم .
- · هل تزن كلماتك ؟:
- سبحان الله العظيم!، ما أكثر ما نتحدث ونستفسر ونتطلع ونحرص على الأمور التي لا تنفعنا في دنيانا ولا في آخرتنا، وإنما هي من لغو الكلام، ولو حاسب الإنسان نفسه في آخر اليوم قبل نومه لوجد أن كلامه في ما لا فائدة فيه ولا ثمرة ولا نتيجة أكثر من كلامه في ما فيه فائدة.
- عن معاذ رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا نَبيَّ الله ، وإنَّا لمُؤَاخَذُونَ بِما نَتَكَلَّمُ بهِ ؟ فقالَ : ( ثَكِلتْكَ أُمُّكَ ، وهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على وُجوهِهِمْ ، أو على مَنَاخِرِهم إلاَّ حَصائِدُ أَلسِنَتِهِم ) . رواهُ الترمذيُّ ، وقال : حَديثٌ حَسنٌ صَحيحٌ .
- قال ابن رجب: وظاهرُ هذا الحديث يدلُّ على أنَّ أكثر ما يدخل النَّاسُ به النار النُّطقُ بألسنتهم، فإنَّ معصية النُّطق يدخل فيها:
1- الشِّركُ وهو أعظمُ الذنوب عندَ الله - عز وجل - .
2- ويدخل فيها القولُ على الله بغير علم ، وهو قرينُ الشِّركِ .
3- ويدخلُ فيه شهادةُ الزُّور التي عدَلت الإشراك بالله - عز وجل - .
4- وكذلك السِّحر والقذفُ وغيرُ ذلك مِنَ الكبائر والصَّغائر كالكذب والغيبةِ والنَّميمة .
5- وسائرُ المعاصي الفعلية لا يخلو غالباً من قول يقترن بها يكون معيناً عليها .
وفي حديث أبي هُريرة ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، قال : ( أكثرُ ما يُدخِلُ النَّاسَ النارَ الأجوفان : الفمُ والفرجُ ) خرَّجه الإمام أحمد والترمذي.
- صلاح اللسان وأثره على الجوارح:
- قال يحيى بن أبي كثير : ما صلح منطقُ رجل إلاَّ عرفت ذلك في سائر عمله ، ولا فسد منطقُ رجل قطُّ إلاَّ عرفت ذلك في سائر عمله.
- قال ابن القيم: وأما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبوابا من الشر كلها مداخل للشيطان فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها وكم من حرب جرتها كلمة واحدة.