بَابُ صَلَاةِ اَلِاسْتِسْقَاءِ
513- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ( خَرَجَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَوَاضِعًا, مُتَبَذِّلًا, مُتَخَشِّعًا, مُتَرَسِّلًا, مُتَضَرِّعًا, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, كَمَا يُصَلِّي فِي اَلْعِيدِ, لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ ) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ ([460]) .
514- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ( شَكَا اَلنَّاسُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ الْمَطَرِ, فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ, فَوُضِعَ لَهُ فِي اَلْمُصَلَّى, وَوَعَدَ اَلنَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ, فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ اَلشَّمْسِ, فَقَعَدَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ, فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اَللَّهَ, ثُمَّ قَالَ: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدَبَ دِيَارِكُمْ, وَقَدْ أَمَرَكُمْ اَللَّهُ أَنْ تَدْعُوَهُ, وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ, ثُمَّ قَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ, اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ, لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَللَّهُ, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ, أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ, وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ" ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ, ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى اَلنَّاسِ ظَهْرَهُ, وَقَلَبَ رِدَاءَهُ, وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ, ثُمَّ أَقْبِلَ عَلَى اَلنَّاسِ وَنَزَلَ, وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, فَأَنْشَأَ اَللَّهُ سَحَابَةً, فَرَعَدَتْ, وَبَرَقَتْ, ثُمَّ أَمْطَرَتْ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: "غَرِيبٌ, وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ" ([461]) .
وَقِصَّةُ اَلتَّحْوِيلِ فِي "اَلصَّحِيحِ"
515- حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَفِيهِ: ( فَتَوَجَّهَ إِلَى اَلْقِبْلَةِ, يَدْعُو, ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ, جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ ) ([462]) .
516- وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ مُرْسَلِ ([463]) أَبِي جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرِ: وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ؛ لِيَتَحَوَّلَ اَلْقَحْطُ ([464]) .
517- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ( أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ, وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, هَلَكَتِ اَلْأَمْوَالُ, وَانْقَطَعَتِ اَلسُّبُلُ, فَادْعُ اَللَّهَ] عَزَّ وَجَلَّ] يُغِيثُنَا, فَرَفَعَ يَدَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا, اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا..." ) فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ، وَفِيهِ اَلدُّعَاءُ بِإِمْسَاكِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ([465]) .
518- وَعَنْ أَنَسٍ; ( أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا قَحِطُوا يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ. وَقَالَ: اَللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا, وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ ) رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ ([466]) .
519- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: ( أَصَابَنَا -وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ- صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ, حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ اَلْمَطَرِ, وَقَالَ: "إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ" ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ. ([467]) .
520- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأَى اَلْمَطَرَ قَالَ: ( اَللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا ) أَخْرَجَاهُ ([468]) .
521- وَعَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي اَلِاسْتِسْقَاءِ: ( اَللَّهُمَّ جَلِّلْنَا سَحَابًا, كَثِيفًا, قَصِيفًا, دَلُوقًا, ضَحُوكًا, تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذًا, قِطْقِطًا, سَجْلًا, يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيحِهِ" ([469]) .
522- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يَسْتَسْقِي, فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ, لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ, فَقَالَ: ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ ([470]) .
523- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ( أَنَّ اَلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ([471]) .
-------------------------------
[460] - حسن. رواه أبو داود (1165)، والنسائي (3/163)، والترمذي (558 و 559)، وابن ماجه (1266) وأحمد (1/230 و 269 و 355)، وابن حبان (2862). وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". والتبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. والترسل: التأني في المشي، وعدم العجلة.
[461] - حسن. رواه أبو داود (1173)، وصححه ابن حبان (2860).
[462] - صحيح. رواه البخاري (2/514/فتح)، وهو أيضا في مسلم (894) خلا الجهر بالقراءة. وعبد الله بن زيد: هو ابن زيد بن عاصم المازني؛ وليس هو عبد الله بن زيد صاحب النداء، وممن كان يقول بأنه صاحب النداء سفيان بن عيينة، ولكن البخاري وهمه (2/498/فتح).
[463] - كذا بالأصل، و "المطبوع": وهو كذلك في "الشرح"، وهو الصواب عندي؛ لأنه كذلك في"السنن" وتحرف في "أ" إلى: "حديث".
[464] - صحيح. رواه الدارقطني (2/66/2)، وهو وإن كان مرسلا بإسناد صحيح عند الدارقطني، فقد رواه الحاكم (1/326)، موصولا عن جابر رضي الله عنه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "غريب عجيب صحيح". قلت: وإسناد الحاكم أصح من إسناد الدارقطني، وأيضا جاء عن أنس لكن من طريق أحد الكذابين.
[465] - صحيح. رواه البخاري (1014)، ومسلم (897)، وتمامه: "اللهم أغثنا. قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من روائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس ستا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال: فأقلعت. وخرجنا نمشي في الشمس".
[466] - صحيح. رواه البخاري (1010).
[467] - صحيح. رواه مسلم (898).
[468] - صحيح. رواه البخاري (1032). "تنبيه": وهذا من أوهام الحافظ رحمه الله إذ عزا الحديث للشيخين، وتبعه على ذلك غير واحد بل استنكر الصنعاني على المصنف أنه لم يقل: "متفق عليه"!!.
[469] - قال الحافظ في "التلخيص" (2/99): "وعن محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن عائشة بنت سعد؛ أن أباها حدثها أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل واديا دهشا لا ماء فيه فذكر الحديث، وفيه ألفاظ غريبة كثيرة، أخرجه أبو عوانة بسند واه".
[470] - حسن. رواه الدارقطني (2/66/1)، والحاكم (1/325-326)، من طريق محمد بن عون مولى أم يحيي بنت الحكم، عن أبيه، قال: حدثنا ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: وهذا سند لا بأس به، محمد بن عون سكت عنه البخاري (1/1/197) وقال أحمد في"العلل" (2/211): "رجل معروف". وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/411). ووالده عون قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/1/16) عنه: "عن الزهري مرسل، روى عنه الماجشون". قلت: بل سمع منه كما هو مصرح به في هذا الحديث، وسكت عنه في "الجرح والتعديل" (3/1/386)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/281)، وأما ابن شهاب، وأبو سلمة فثقتان من رجال البخاري ومسلم. فمثل هذا الإسناد لا بأس به، خاصة وأنه جاء من طريق آخر. فرواه الطحاوي في "المشكل" (875)، والخطيب في "التاريخ" (12/65)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1246) من طريق محمد بن عزيز، حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة به. قلت: ومحمد بن عزيز وعمه سلامة فيهما ضعف خفيف، وهما ممن يكتب حديثهما؛ إلا أنه تكلم في سماع محمد من سلامة، وسماع سلامة من عقيل ولكن لا بأس بهذا الإسناد هنا. وجاء الحديث من طريقين آخرين مقطوعين: الأول: رواه ابن حبان في "الثقات" (8/414)، وابن أبي حاتم في "التفسير" كما عند ابن كثير (3/347)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/101)، والطبراني في "الدعاء" (968)، من طريق مسعر بن كدام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، قال خرج سليمان …... فذكره. وفي سنده زيد العمي وهو ضعيف. الثاني: رواه عبد الرازق في "المصنف" (3/95-96)، ومن طريقه الطبراني في "الدعاء" (967)، عن معمر، عن الزهري، أن سليمان بن داود ….... به. وسنده صحيح إلى الزهري. وخلاصة الأمر: أن الحديث حسن بطريقيه الأولين. "تنبيه": لم أجد في الحديث في "مسند" الإمام أحمد إذ هو المراد عند إطلاق العزو كما فعل الحافظ هنا وفي "التلخيص" (2/97) فقد رجعت إلى مسند أبي هريرة فلم أجده فيه، ولا عثرت عليه في مسند أحمد بطريق الفهارس، ثم أخيرا قرأت "الأطراف" للحافظ ترجمة أبي سلمة، عن أبي هريرة فلم أجده أيضا، مما يرجع عندي أن الحديث إما أن يكون في كتاب آخر من كتب الإمام أحمد، أو أن يكون الحافظ وهم في عزوه لأحمد. والله أعلم.
[471] - صحيح. رواه مسلم (896).