وقفات مع رفع الأعمال إلى الله عز وجل
تعالوا نتوقف قليلاً مع رفع الأعمال إلي الله عز وجل، لنعرف لماذا ترفَّع الأعمال .. فالأعمال ترفَّع بشكل يومي عصرًا وفجرًا .. وأسبوعيًا، يومي الإثنين والخميس .. وسنويًا في شهر شعبان.
والحكمة من رفع الأعمال هي: أولاً: الشفاعة لصاحبها .. تشفع الأعمال الصالحة لصاحبها عند رب العالمين، فيغفَّر لك ذنوب العام كله.
وما هي الأعمال التي ستشفع لك في شعبان؟؟
1) دوام الذكر وبالأخص الباقيات الصالحات (سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر) .. قال رسول الله "إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش لهنّ دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له أو لا يزال له من يذكر به" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. يذكر به: أي يشفع له .. فعندما تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تصعد وتذَكِّر بك، وتشفع لك عند رب العالمين فوق العرش .. فاكثِر من هذا الذكر في شعبان لكي يشفع لك.
2) قراءة سورة الملك .. قال "إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار وأدخلته الجنة" [رواه الحاكم وحسنه الألباني] .. اقرأها كل ليلة كي تشفع لك وتنجيك من عذاب القبر.
3) قراءة آية الكرسي .. قال النبي "والذي نفسي بيده إن لهذه الآية لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش" [رواه أحمد وصححه الألباني] .. فآية الكرسي التي قرأتها ترفَّع فوق عند العرش وهي تبجِّل الله سبحانه وتعالى وتحمد الله بالنيابة عنك وتقدِّس الملك سبحانه وتعالى عند ساق العرش.
ثانيًا: أن يتباهى الله عز وجل بعملك في الملأ الأعلى .. فالله عز وجل يثني عليك في الملأ الأعلى إذا ما فعلت هذه الأعمال ..
1) الإكثار من الصلاة على النبي .. قال "من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات" [رواه النسائي وصححه الألباني]
2) قيــام الليـــل .. ولتنوي بقيامك في شعبان نيتين: نية الاستعداد لرمضان حتى يغفر لك ما تقدم من ذنبك والثانية أن تنال مسألتك من الله عز وجل، قال رسول الله "الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فإذا وضأ يديه انحلت عقدة وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة وإذا مسح رأسه انحلت عقدة وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة فيقول الله عز وجل للذين وراء الحجاب انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني ما سألني عبدي هذا فهو له"[رواه أحمد وحسنه الألباني] .. فلا تُضيِّع هذه الفرصة وسلّ الله ما تريد .. ولتكن حكيمًا في سؤالك رضاه عز وجل ..
اللهم بلغنا رضاك ومتعنا بلذة القرب منك .
3) حضور مجالس العلم .. حافظ على حضور دروس العلم خلال شهر شعبان؛ لأن الله عز وجل يباهي بأهل مجالس العلم في الملأ الأعلى .. قال "إن لله ملائكة سيارة فضلاء يبتغون مجالس الذكر فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال فيسألهم الله وهو أعلم من أين جئتم ؟ فيقولون جئنا من عند عبادك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويمجدونك ويحمدونك ويسألونك قال وماذا يسألوني ؟ قالوا يسألونك جنتك قال وهل رأوا جنتي ؟ قالوا لا أي رب قال وكيف لو رأوا جنتي ؟ قالوا ويستجيرونك قال ومم يستجيروني ؟ قالوا من نارك قال وهل رأوا ناري ؟ قالوا لا . قال فكيف لو رأوا ناري ؟ قالوا يستغفرونك قال فيقول قد غفرت لهم فأعطيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا قال يقولون رب فيهم فلان عبد خطاء وإنما مر فجلس معهم قال فيقول وله غفرت هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" [صحيح مسلم]
4) انتظار الصلاة بعد الصلاة .. عن عبد الله بن عمرو قال: صلينا مع رسول الله المغرب فرجع من رجع وعقب من عقب فجاء رسول الله مسرعا قد حفزه النفس وقد حسر عن ركبتيه فقال "أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى" [رواه ابن ماجة وصححه الألباني] .. فحتى يباهي الله بك عليك أن تجلس بين الصلاتين، ولتكن ما بين المغرب والعشاء.
أما أن كنت حريصًا على عظيم الثواب وتريد أن تُعتق بسببه إن شاء الله من النار .. فلتعتكف في المسجد من العصر إلى المغرب، إن كان وقتك يسمح لك بهذا؛ لأن النبي قال "لأن أقعد أذكر الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل" [رواه أحمد وحسنه الألباني] .. كن سببًا لعتق الرقاب، بها تُعتق.
ثالثًا : تُرفع الأعمال لإعلام حملة العرش ومن حوله من الملأ الأعلى بهذه الأعمال فيدعون الله لك .. قال تعالى {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} [غافر: 7]
حملة العرش مع منزلتهم العظيمة الشريفة يستغفرون ويدعون لك .. فعليك أن تنظر فيما سيُرفع لك، وليكن عملاً يُباهى به .. هم سيستغفرون لك، أستغفر أنت أيضاً في الأرض .. هم سيدعون لك، ادعّ أنت أيضاً في الأرض.
رابعًا: تُرفع الأقوال والأعمال لتُسجَّل في الدواوين العالية للمُقربين .. قال تعالى {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ (19) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (20)}[المطففين] ..
فماذا تفعل لكي تتقرّب من الله تعالى ويُكتب كتابك في عليين؟ .. تقرب له بسجدة شُكر، فإن بلوغك شهر شعبان نعمة تستحق أن تسجد شاكرًا لله تعالى.
خامسًا: يُرفع العمل رفع سنوي لكي تحصل تنقية للأعمال ويُميز العمل الطيب من الخبيث .. قال تعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: 10] ..
نسأل الله أن يمُنّ علينا في هذه الأيام المُبـــــــــــــــاركات بحُسن العمل الصالح الذي يُدنينا منه، فنكون عنده من المُقربيــــن فالرّوح والريحان وجنة النعيم،،