عربي English עברית Deutsch Italiano 中文 Español Français Русский Indonesia Português Nederlands हिन्दी 日本の
  
  

   

 

المبادرات النبوية
 
المبادرة الأولى :
 
دَعَا رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ـ خِرَاشَ بْنَ أُمَيّةَ الْخُزَاعِيّ ، فَبَعَثَهُ إلَى قُرَيْشٍ بِمَكّةَ وَحَمَلَهُ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ، يُقَالُ لَهُ الثّعْلَبُ، لِيُبَلّغَ أَشْرَافَهُمْ عَنْهُ مَا جَاءَ لَهُ، فَعَقَرُوا بِهِ جَمْلَ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وَأَرَادُوا قَتْلَهُ فَمَنَعَتْهُ الْأَحَابِيشُ ، فَخَلّوْا سَبِيلَهُ حَتّى أَتَى رَسُولَ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-[1] .
 
 
 
المبادرة الثانية:
 
وأرسلت قريش بأَرْبَعِينَ من الرجال، وَأَمَرُوهُمْ أَنْ يُطِيفُوا بِعَسْكَرِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- لِيُصِيبُوا لَهُمْ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا ، فَأُخِذُوا أَخْذًا ، فَأُتِيَ بِهِمْ رَسُولَ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - فَعَفَا عَنْهُمْ وَخَلّى سَبِيلَهُمْ و قَدْ كَانُوا رَمَوْا فِي عَسْكَرِ رَسُولِ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -بِالْحِجَارَةِ وَالنّبْلِ[2] .
 
 
 
المبادرة الثالثة:
 
ثم أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ إلى قريشٍ، مندوبًا عنه، ليؤكد لهم حسن مقصد المسلمين، ورغبتهم الجادة في أداء العمرة .
 
وقال له : "اذهب إلى قريش فأخبرهم أناّ لم نأت لقتال أحد وإنما جئنا زوارا لهذا البيت، معظمين لحرمته، معنا الهدي ننحره وننصرف"[3] .
 
وَبَعَثَهُ بذلك إلَى أَبِي سُفْيَانَ وَأَشْرَافِ قُرَيْشٍ ، يُخْبِرُهُمْ بذلك[4] .
 
 
 
في هذه المبادرات النبوية الحكيمة نرى فيها قدرةَ القيادةِ الإسلامية على استخدام سياسةِ ضبطِ النفسِ بمهارةِ فائقة .. فلو تسرعت القيادةُ في مثل هذه المواقفِ الثلاثةِ بالرد المسلحِ على استفزازات العدو؛ لتحول " حادثُ الحديبيبة" في التاريخ إلى ملحمة دموية ومأساة ضخمة في أرض الحرمِ .
 
إن استخدامَ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – لسياسةِ ضبط النفس في هذه المواقف الثلاثة بالذات يُعد من أهم الأسباب المباشرة لنجاح صلح الحديبية..
 
 
 
إشَاعَةُ مَقْتَلِ عُثْمَانَ  :
 
فَخَرَجَ عُثْمَانُ إلَى مَكّةَ ، فَلَقِيَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمّ أَجَارَهُ حَتّى بَلّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ-، فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ ، فَبَلّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- مَا أَرْسَلَهُ بِهِ ، فَقَالُوا لِعُثْمَانِ حِينَ فَرَغَ مِنْ رِسَالَةِ رَسُولِ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ –إلَيْهِمْ:  إنْ شِئْت أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ .
 
فَقَالَ  ـ  يبجل النبي ـ : " مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ حَتّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- ." !!
 
ليضرب المثل كيف تكون علاقة الجندي بقائده أمام الأعداء.. إنها علاقة التوقير والإجلال للقيادة الإسلامية حال غيبتها أمام أعداء الله ..
 
 ثم إن قريشًا احتبست عثمانَ عندها، ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ أَنّ عُثْمَانَ بْنَ عَفّانَ قَدْ قُتِلَ[5] .وانتشرت الشائعة .. ويبدو ـ والله أعلم ـ أن هناك أطرافًا حاقدةً أشاعت ذلك، تبغي من وراء ذلك نشوب الحرب والفتنة .
 
ولا شك أن انتشار الشائعات دائما ما يشتد حال الأوقات الحرجة والمواقف الفاصلة وساعات الفتن ..
 
ومن ثم كان على المسلم التثبتَ والتحفظ على هذه الإشاعات ..
 
وكان على القيادة الإسلامية الاستفادة  من موجة الشائعات – التي هي من صنع المغرضين- ..
 
وكيف استغلها قائدنا الحكيم - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- ؟
 
إنه انتهز هذه الفرصة في توحيد الصف، وتقوية العزم، وأخذ البيعة على الموت . ولذلك كانت إشاعة مقتل عثمان في صالح المعسكر الإسلامي مئة بالمئة !
 
 
 
 
بَيْعَةُ الرّضْوَانِ
 
فقَالَ رَسُولَ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -حِينَ بَلَغَهُ أَنّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ :
 
"لَا نَبْرَحُ حَتّى نُنَاجِزَ الْقَوْمَ " .
 
فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -النّاسَ إلَى الْبَيْعَةِ فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرّضْوَانِ تَحْتَ الشّجَرَةِ ، فَكَانَ النّاسُ يَقُولُونَ: بَايَعَهُمْ رَسُولُ اللّهِ -صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- عَلَى الْمَوْتِ وعَلَى أَنْ ألا يفرروا . وَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْهُ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حَضَرَهَا، إلا الْجَدُّ بْنَ قَيْسٍ  ـ وكان منافقًا ـ.
 
ثُمّ أَتَى رَسُولَ اللّهِ- صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ -أَنّ الّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرِ عُثْمَانَ بَاطِلٌ[6]،وإنما هي شائعة مغرضة .
 
 
 
وعن يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ : قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ:
 
عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: " عَلَى الْمَوْتِ"[7] .
 
 
 
قال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في فضل هذه البيعة :
 
" لَنْ يَدْخُلَ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ"[8]
 
وفي ذلك نزل قول الله تعالى :
 
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً }الفتح18
 
 
 
توصية عملية :
 
طالع تفسير سورة الفتح
 
 
--------------------------------------
 
[1]ابن هشام  2 / 314
 
[2]ابن هشام  2 /  314
 
[3]ابن سعد  2 / 97
 
[4]ابن هشام  2 /  314
 
[5]ابن هشام  2 / 315
 
[6]ابن هشام 2 /  315
 
[7]صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية  (3851)
 
[8]أخرجه أحمد (14725) ،  وصححه الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير(9354)



                      المقال السابق                       المقال التالى




Bookmark and Share


أضف تعليق