حديث ولد الفزارى, وعلوم الوراثة يشهدون لمحمد صلى الله عليه وسلم بالوحى والرسالة
نطرح أولا السؤال التالى: مذ متى بدأ اكتشاف قوانين الوراثة؟ من المعلوم أن علم الوراثة من أحدث العلوم البيولوجية وأهمها حاليا, ونحن نعيش اليوم فى عصر الهندسة الوراثية. ولم تعرف قوانين الوراثة إلا منذ عالم 1866م مع أبحاث الراهب النمسوى جريجور مندل (g.mendel) . ومن بعد مندل بعشرات السنين ظهر ما يعرف بسجل النسب الوراثى (family pedigree). ويفيد هذا السجل فى تتبع بعض الصفات أو بعض الأمراض أو العيوب الوراثية, والتنبؤ باحتمال ظهور تلك الصفات فى الأجيال المقبلة
ترى لمن السبق فى وضع سجل النسب الوراثى؟ إنه محمد صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان العلماء قد اكتشفوا قوانين الوراثة التى تتحكم فى توارث الصفات. وإذا كانو أيضا عرفوا الصفات السائدة والمتنحية, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعطى التطبيق العملى على ذلك فى واقعة نسب ولد الفزارى فى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم وأصحاب السنن الأريعة و أحمد. جاء رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي ولدت غلاما أسود . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " هل لك من إبل ؟ " قال : نعم . قال " فما ألوانها ؟ " قال : حمر . قال " هل فيها من أورق ؟ " قال : إن فيها لورقا . قال " فأنى أتاها ذلك ؟ " قال : عسى أن يكون نزعه عرق . قال " وهذا عسى أن يكون نزعه عرق ولم يرخص له الانتفاء منه. ويفهم حديث النبى اليوم فى ضوء سجل النسب الوراثى حيث ظهرت الصفة المتنحية وهى هنا صفة اللون الأسود فى ولد الفزارى الذى كان هو وزوجته بيض أو حمر الوجوه. هكذا سبق ما فى الحديث من علم قانونى مندل عن انعزال الصفات الوراثية, وقانون التوزيع المستقل للعوامل.
وجاء مشروع الجينوم(genome)البشرى الذى أعلن عنه فى 26 يوليو من عام 2000م ليؤكد صحة الحديث كما قال النبى صلى الله عليه وسلم, حيث تتحكم المورثات (الجينات) فى الصفات وتوارثها. و وصلت دقة الجينوم فى تحديد نزع العرق إلى استخدامها فى تحديد بنوة المولود إلى أبويه من عدمه فى قضايا إنكار ا النسب أمام المحاكم باستخدام تحليلات الحامض النووى لكل من الطفل والأب والأم.
وخريطة الجينوم متوارثة منذ ظهور ذريةالإنسان ((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ))(الأعراف: 172).. وتدهشك السنة النبوية للمبعوث رحمة للعالمين-محمد صلي الله عليه وسلم-وهو يشير إليها في جوامع كلماته التي كشف فيها صلي الله عليه وسلم النقاب عن ما يعرف بقوانين الوراثة قبل أن يكتشفها العلماء بأكثر من ألف سنة. وإن كان علم الوراثة قد أثبت أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والعضوية والعقلية عن طريق المورثات (الجينات)التي تنتقل من الآباء إلي الأبناء. فإن محمدا صلي الله عليه وسلم قبل مندل وقبل الجينوم قد أشار إلى قوانين علم الوراثة وتأثير العامل الوراثي السائد والمتنحي.
المقال السابق
المقال التالى