مقدمة:
المرتفع في صريح نسبه بلا خلاف ، ظللته الغمائم ، و كلمته البهائم ، و نصر بالرعب بين يدي مسيرة شهر ، و خص بليلة القدر ، و نصر بالصبا و جعلت له الأرض مسجدا ً و طهورا ً و ختم به النبيون ، و زاد الله دينه على الأديان علوا ً و ظهورا ً و ساحت قوائم فرس سراقة إلى بطنها ، و حن الجزع اليابس إليه ، و دعا الشجرتين فامتثلتا و جاءتا بين يديه ، و سلم الحجر الصلد عليه ، و استقصى أبا جهل دين المستجيرين به فقضاه على الفورو وفاه ، و انشق له القمر ، و نبع الماء بين أصابعه كما ينبع من الحجر ، و رجف به و بحلفائه الكيل فركض و قال : اسكن فسكن و امتثل ، و بث له شكواه الجمل ، و استستقى فأطلقت السماء عزاليها كأفواه القرب ، و خاطبه بخيبر الذراع المسمومة ، و انشق ليلة مولده إيوان كسرى و تساقطت النجوم و غاضت بحيرة ساوه ، وفاض وادي السمارة ، و خمدت نار فارس .
أبو القاسم محمد النبي : الكريم الرؤوف الرحيم الحسيب النسيب الماحي العاقب المخصوص في اليوم المشود ، بالمقام المحمود ، و اللواء المعقود ، و الحوض المورود صلى الله عليه صلاة لا ينقطع دوامها .
- مدحه الله عز و جل في غير موضع من محكم كتابه . و وصفه في الكتب المتقدمة بأسمائه الأعلام ، و صرح بأنسابه و أنزل في قومه قرآنا ً يتلى على مر الدهر وتعاقب أحقابه ، و قدمه قبل جده نوح عند أخذ العهد و الميثاق .
"و إذ أخذنا من البنين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ابن مريم و اخذنا منهم ميثاقا ً غليظا " (الأحزاب : 7)
تم أخذ العهد على سائر الأنبياء بالإيمان به ، و زكى جوارحه و أثنى عليه و خلقه و أدبه و رفع له ذكره .
من خصوصيات النبي صلى الله عليه و سلم:
1-أن نساءه اللائي دخل بهن و مات و هن في عصمته حرمن على غيره:" و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تـََنْكِحُوا أزواجه من بعده أبدا ً أن ذلكم كان عند الله عظيما ً" (الأحزاب :53)
2-أقسم الله بحياته في قوله تعالى : "لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون " (الحجر :72)
روي أن ابن عباس قال : ما خلق الله عز و جل و ما ذرأ نفسا ً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسم ، و ما سمعت الله عز وجل أقسم بحياة أحد إلا بحياته ، فقال " لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون "
3- أن الله تعالى نادى جميع الأنبياء بأسمائهم و ناداه بالنبوة و الرسالة :
" ويا آدم اسكن انت و زوجك الجنة " (الأعراف :19)
"يا نوح إنه ليس من أهلك " ( هود :46)
" أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " (الصافات :10)
"يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك" ( هود :818)
"يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض"( ص :26)
"يا موسى إني أنا الله رب العالمين " (القصص :30)
"يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى" ( مريم : 7)
"يا يحيى خذ الكتاب بقوة " ( مريم :12)
"يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك و على والدتك (المائدة ك110)
و لم يناد عبده إلا بالنبوة و الرسالة :
"يا أيها النبي لا يحزنك الذين يسارون في الكفر "(المائدة :418)
"يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (المائدة : 67 )
"يا أيها النبي حسبك الله" (الأنفال: 64 )
"يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ً و مبشرا ً و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا ً منيرا (الأحزاب :45 ،46)
إلخ ...
و النبي يهمز ولا يهمز ، فالنبي بلا همزة معناه : الرفيع الشأن العالي الأمر ، أخذ من النباوة : و هي ما ارتفع عن الأرض ، لأنه ينبئ عن الله : أي يخبر
وقال عباس بن مرداس السلمي :
يا خاتم النُّباء إنك مرسل بالحق كل هُدى السبيل هُداك
إن الإله بنى عليك محبة مـــــ ـن خلقه و محمد سماك
و قال حسان :
وَ شَقَّ له مِن اسمْه ليجلَّه فذوا العرش محمود و هذا محمد
4- و منها أن الله عز و جل نهى أن يدعى رسول الله صلى الله عليه و سلم باسمه
فقال عز و جل " ولا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " (النور:63)
5- و منها أن الله تعالى أقامه مقام ذاته فقال جل من قائل :
"إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " (الفتح : 10 )
6- و منها أن الله تعالى بدأه بالعفو قبل التأنيب ، و المخاطبة قبل أن يعرف الذنب فقال جل و علا : "عفا الله عنك لم أذنت لهم " (التوبة : 43)
7- و منها أن الله تعالى وضع به الأغلال التي كانت في أعناق العباد ، و الآصار التي كانت عليهم : في الأمم السابقة ولا سيما اليهود و النصارى " الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا ً عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم"
8- من خصائص الرسول صلى الله عليه و سلم أن الله تعالى شرفه :
أ-ذكره في الصنائع إلى عباده :" و ما نقموا إلا أن أغناهم الله و رسوله من فضله "
ب - قرن الله اسم محمد صلى الله عليه و سلم بذكره في ثمانية مواضع:
1-في الطاعة : " و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول " (النساء :80)
" آمنوا بالله و رسوله " (الحديد :7 )
"من يطع الرسول فقد أطاع الله" (النساء :80)
2.في المحبة : "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله " (آل عمران:31)
3. في المعصية : "و من يعصي الله و رسوله " (النساء : 14)
4. في العزة : " و لله العزة و لرسوله " (المنافقون : 8)
5. جمع له الأرض فأراه مشارقها و مغاربها : في صحيح مسلم عن توبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن قال:" إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها و أن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها و أعطيت الكنزين الأحمر و الأبيض ، و إني سالت ربي ألا يهلكها بسنة عامة ، و أن لا يسلط عليهم عدوا ً سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم و أن ربي قال : إنى قضيت قضاء ً و لا يرد ، و إني أعطيتك لأمتك ، ألا أهلكهم بسنة عامة و أن لا أسلط عليهم عددا ً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم و لو اجتمع عليهم من أقطارها أو من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ً و يسبي بعضهم بعضا ً "
6. في الإجابة في قوله :" استجيبوا لله و للرسول " (الأنفال: 24)
7. في التسمية : " حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " سماه باسمين من أسمائه تعالى
8. في الرضا :"و الله و رسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين" (التوبة : 62)
9- من خصائصه صلى الله عليه و سلم أن الله أمر بتقديمه على النفوس
"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم " (الأحزاب: 6)
" قل إن كان آباؤكم و أبناؤكم و إخوانكم و أزواجكم و عشيرتكم و أموال
اقترفتموها و تجارة تخشون فسادها أحب إليكم من الله و رسوله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره .
و في صحيح البخاري : (كنا مع الرسول صلى الله عليه و سلم و هو آخذ بيدي عمر فقال له عمر مكررا ً يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيئ إلا من نفسي سفقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا و الذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ، فقال له عمر : فإن الآن و الله لأنت أحب إلي من نفسي ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الآن يا عمر [ و في رواية الآن أمنت يا عمر]
روى البخاري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده و الناس أجمعين "
10. و من خصائصه أن الله عز وجل تولى الجدال عنه ، و كل نبي يجادل عن نفسه :
فلما قالوا مجنون ، قال الله " و ما صاحبكم بمجنون " (التكوير : 22)
و قالوا شاعر ، فقال الله تعالى " و ما علمناه الشعر و ما ينبغي له " (يس :69)
و قالوا افترى القرآن ، فقال الله تعالى " و ما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله " (يونس : 37)
و قالوا إنما يعلمه بشر، فقال الله "و لقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي و هذا لسان عربي مبين " (النحل :103)
و قالوا كاهن فقال الله " و ما هو بقول كاهن " (الحاقة :43)
و قالوا ضل محمد ، فقال الله عز وجل " ما ضل صاحبكم و ما غوى"[صاحبكم مهتد راشد]
و قالوا " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " فقال تعالى "أهم يقسمون رحمة ربك " (الزخرف : )