عن المعرور قال: لقيت أبا ذَرّ بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألته عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذَرّ أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم.
وعن إبراهيم التيمي عن أبيه قال سمعت أبا ذَرّ رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال المسجد الحرام قال قلت ثم أي قال المسجد الأقصى قلت كم كان بينهما قال أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصله فإن الفضل فيه
وروى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال خرجت ليلة من الليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده ليس معه إنسان قال فظننت أنه يكره أن يمشي معه أحد قال فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني فقال من هذا فقلت أبو ذر جعلني الله فداءك قال يا أبا ذر تعاله قال فمشيت معه ساعة فقال إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله خيرا فنفح فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه وعمل فيه خيرا قال فمشيت معه ساعة فقال اجلس ها هنا قال فأجلسني في قاع حوله حجارة فقال لي اجلس ها هنا حتى أرجع إليك قال فانطلق في الحرة حتى لا أراه فلبث عني فأطال اللبث ثم إني سمعته وهو مقبل وهو يقول وإن سرق وإن زنى قال فلما جاء لم أصبر فقلت يا نبي الله جعلني الله فداءك من تكلم في جانب الحرة ما سمعت أحدا يرجع إليك شيئا قال ذاك جبريل عرض لي في جانب الحرة فقال بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت يا جبريل وإن سرق وإن زنى قال نعم قال قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم قال قلت وإن سرق وإن زنى قال نعم وإن شرب الخمر
وفي صحيح مسلم عن أبي ذَرّ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك قال "نور أنى أراه" قال النووي: أي حجابه نور فكيف أراه
وعن أبي ذَرّ قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها قال قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة.
وعن أبي ذَرّ قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال: هم الأخسرون ورب الكعبة، قال: فجئت حتى جلست فلم أتقارّ أن قمت فقلت: يا رسول الله فداك أبي وأمي من هم؟ قال: "هم الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس".
عن أبي ذَرّ قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال يا أبا ذَرّ إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.
عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذَرّ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن"
عن أبي عاصم عن أبيه قال لقينا أبا ذَرّ وهو عند الجمرة الوسطى فسألته عن ليلة القدر فقال ما كان أحد بأسأل لها رسول الله مني قلت يا رسول الله ليلة القدر أنزلت على الأنبياء بوحي إليهم فيها ثم ترجع فقال بل هي إلى يوم القيامة فقلت يا رسول الله أيتهن هي قال لو أذن لي لأنبأتكم ولكن التمسوها في السبعين ولا تسألني بعدها قال ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فجعل يحدث فقلت يا رسول الله في أي السبعين هي فغضب علي غضبة لم يغضب علي قبلها ولا بعدها مثلها ثم قال ألم أنهك أن تسألني عنها لو أذن لي لأنبأتكم عنها لأنبأتكم بها ولكن لا آمن أن تكون في السبع الآخر
وعن أبي ذَرّ قال دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده قال يا أبا ذَرّ إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما قال فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكمل إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أسلم قال من سلم الناس من لسانه ويده قال قلت يا رسول الله فأي الصلاة أفضل قال طول القنوت قال قلت يا رسول الله فأي الهجرة أفضل قال من هجر السيئات قال قلت يا رسول الله فما الصيام قال فرض مجزىء وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي ما أنزل الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذَرّ ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قال قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف وعشرون ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا ثم قال يا أبا ذَرّ أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله كم كتابا أنزله الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسون صحيفة وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل على إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن قال قلت يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم قال كانت أمثالا كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء قلت يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني قال أحب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني قال انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك قلت يا رسول الله زدني قال قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني قال ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي وكفي بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال يا أبا ذَرّ لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق
عن أبي ذَرّ قال صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يقم بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لو نقلنا بقية ليلتنا هذه قال إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر فقام بنا في الثالثة وجمع أهله ونساءه فقام بنا حتى تخوفنا أن يفوتنا الفلاح قلت وما الفلاح قال السحور
وعن أبي ذَرّ أنه قال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم قال: "إنك يا أبا ذَرّ مع من أحببت" قال: فإني أحب الله ورسوله قال: "أنت يا أبا ذَرّ مع من أحببت"
|