{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) } الحجرات.
قحطان عدنان شادوا منك عزّتهم
بك التشرّف للتأريخ لا بهم
أكاد أقتلع الآهات من حرقي
إذا ذكرتك أو أرتاع من ندمي
الأدب معه صلى الله عليه وسلم شريعة يثاب فاعلها ويعاقب تاركها، فالأدب مع شخصه الكريم بإجلاله وإعزازه وتوقيره وتقديره واحترامه وانزاله المنزلة التي أنزله الله إياها: لا غلوّ ولا جفاء، وعدم الاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم أو مناقضة أقواله بأقوال غيره من الناس، أو تقديم قول كائن من البشر مهما كان على قوله، أو أخذ حديثه على أنه كلام يصيب ويخطئ، بل هو كلام نبيّ معصوم، أو التعرّض لصفة من صفاته بجفاء، أو رد قوله بعد التأكد من صحة نسبته اليه، أو الشك في بعض قضاياه وأحكامه، أو مقارنته بالقادة والزعماء والملوك، فقد رفع الله قدره على الجميع وأعلى منزلته على الكل.
بل يحرم كل ما فهم منه الجفاء والتنقص والاعتراض عليه صلى الله عليه وسلم، والواجب على كل من رضي به رسولا واتبعه وآمن به حبه حبا صادقا أعظم من حب النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وتصديق ما أخبر به، وامتثال ما أمر به والانتهاء عما نهى عنه، والاهتداء بهداه والاقتداء بسنته والرضى بحكمه والحرص على متابعته، وتوقير حديثه والصلاة والسلام عليه إذا ذكر صلى الله عليه وسلم، وعدم رفع الصوت عند ذكره وذكر حديثه، وعدم الضحك وقت تلاوة أخباره وكلامه وآثاره، والخشوع عند ذكر شيء من سنته، والتأدب عند الاستشهاد بقوله، والتسليم عند أمره ونهيه، والإيمان بمعجزاته والذب عن جنابه الشريف وأهل بيته وأصحابه { فالذين ءامنوا به وعزّروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون}.
يا من تضوّع طيب القاع منزله
فطاب من طيب ذاك القاع والأكم
نفسي الفداء لمجدٍ أنت حامله
فيه العفاف وفيه الجود والكرم
فعلى المسلم أن يفعل فعل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في التأدب معه، فمنهم من كان لا يتكلم عنده إلا بصوت خافض خاشع، وكان إذا تحدث كان على رؤوسهم الطير، ومنهم من جلس في الطريق خارج المسجد لما سمعه يقول من داخل المسجد:" يا أيها الناس اجلسوا" أخرجه أبو داود 1091 والحاكم 1056 عن جابر رضي الله عنه. ومنهم من لا يكلم ابنه حتى مات لأنه عارض حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.. إلى آخر تلك الأفعال الجميلة والخصال الحميدة من تأدبهم معه صلى الله عليه وسلم.
المقال السابق
المقال التالى